السبت، ١٥ أغسطس ٢٠٠٩

نثريات - 2

نثريات - 2
.
.
§ لكَمْ نحنُ غرباءُ عن ذواتنا!!
أن تندرج أنفاسكَ تلك تحت تراجيديّةِ أفلاكِ الغموض ِ و الإبهام المحضة، لتعانقَ ما تبقـّى من سديمياتها و أغبرةِ سواطعها لهوَ الأمرُ الممضُّ على خلجاتِ أنفسنا و أزقتها الرطِـبَة.
.
الحياةُ الخريفيّة تلكَ من تستأجرُ قوائمها.. دواعمها.. و حتى جزئياتها و شكلياتها، لتضعكَ في قائمةِ الانتظار على أرصفةِ الفقر الموحلة.
.
و نحنُ في خضمها تلكَ المدعوّةُ بـ"الحياة"، لا زلنا نبحثُ عن أوطان ٍ لحقائبنا الورقية.. حيثُ لا نحلمُ إلا بالصمتِ و الهدوء بشُرفاتِ شخصياتنا، أن ننعمَ برشفاتٍ ساخنةٍ من قهوةِ الذات الصباحية، بعيداً عن ما نحنُ فيه و ما أنا فيه.
.
.
.
§ ضحكٌ على الذقون!!
أمّا بعد.. فلا زالت رحى الحديثِ تدورُ و تدورُ حول بؤرةِ اللاعودة، فنحنُ مغفلون على حسابِ أنفسنا و معاقبون على جرائم غيرنا. لأننا عندما نعيشُ بين جدراننا الموصدةِ الأبواب في غرفنا السوداء، في ذواتنا المسلوبةِ من نفسها.. فكلّ فردٍ من فئتنا يُصلبُ حتى تأكل الطيرُ من رأسهِ رغدا!
.
أنتَ و فقط أنت، عندما تفتحُ صندوقَ بريدِ "قضائكَ و قدركَ" لتجدهُ مساحة ً فارغة ً لم تخلُ سوى من أكوام الغبار الخانقة، فاعلم أنكَ من وهم.. و ما أنتَ إلا ضحكٌ على الذقون.
.
.
.
بقلم: علي محمد مرخوص.
1.05 صباحاً، الموافق: 5/6/2008م

نثريات - وجنات التربة

نثريات - 1
"وجنات التربة"

.
.
.
أيّ جرح ٍ لا يبعثُ في الجسدِ المحموم دماً ينسابُ على وجناتِ التربة، ليخضبها بدمويتهِ القانية.. ليغرقها يرعانة ً وليدة ً تتلاشى بين القطراتِ الجاحدة!!
أي انتفاضةٍ تلكَ المندلعةِ على أسوار ِ الفجر ِ الكاذب، تتعالى أصداؤها و تـُرفعُ راياتها على مقربةٍ من معابدِها المهجورة على بقايا رفاتهمُ المنثور ِ غضبا..
.
.

§ أمّا على الأطلال ِ فتسري ارتعاشة ٌ يتيمة ٌ تتسللُ إلى بدن ِ الشعبِ المنهك! تطوي بهِ مسافاتٍ من الذكرى العائمة سراباً فوقَ الواقع المظلم ِ جَورا، و ذلك المتبجحُ على الأبدان ِ المسلوبةِ الأمل، هو في كامل ِ نشوته.. في ذروتها المنحطة، يتقدمُ من بين تلال ِ الضحايا و صفوفِ الأظهر ِ المنحنيةِ خوفاً و قهرا، يتعالى بكأس ٍ محرمةٍ و نفس ٍ سافرة الدناءة، فأيّ تباهٍ ذاك؟!
ذلكَ الحذاءُ الجلدي يطأ ُ على أضلعنا الهشة و يخطو مسافاتٍ من الحرية، فينكبُّ عليها كزلزلةٍ ثمودية، يحيلها أسياجاً من العبودية و الإذعان.
.
تالله، ما كانت محكمة السماء لترضى.. كلا و لا كان لزبانيتها بأن يرعووا عن سفاسفِ هؤلاء القوم، فأيّ عدل ٍ ذلكَ الذي يدّعون و أيّ سقفٍ ذاك الذي يجمعُ بين نقيضين لم و لن ترتبطَ سويقتاهما ببعض ٍ أبدا.
.
أنحنُ على غفلةٍ من أمرنا؟ أم الغفلة ُ هيَ مَن على ضياع ٍ بنا و إلينا؟!
.
.
.
بقلم: علي محمد مرخوص.
4.30 عصراً، الموافق: 19/4/2008م

الجمعة، ١٤ أغسطس ٢٠٠٩

ذَاكِرةٌ أُخرَى

ذَاكِرَةٌ أُخْرَى
.
.
.....اللَّيْلُ ذَلِكَ الوَرَمُ السَّرَطَانِيُّ لاَ يفتأُ أَنْ يَسْتَشْرِي دَاخِلَ ذَاكِرَتِي الخَرْقَاء، مُسْتَعْصِيَةٌ هِيَ مَسَافَاتُ الوَجَعِ حِينَ تَحْفِرُنا صَمْتاً.. لِنَسْتَيْقِظَ ذَاتَ صَبَاحٍ خَالِينَ الوِفَاضِ، لاَ نَجِدُ غَيْرَ سَحْنَةِ انْتِظَارٍ لِلاَّشَيْءَ حَتىّ نَسْتَدْرِكَ عَرَمَ مَا خَلَّفْنَاهُ بِالأَمْسِ وَ اللَّحَظَاتِ السَّالِفَة!
.
.....المَرْكَبَةُ المُتَهَالِكَةُ عَيْنُهَا تَنْطَلِقُ بِخُطَاهَا العَرْجَاءِ نَاحِيَةَ فَسَائِلٍ شَاحِبَةٍ تَتَوَارَى خَلْفَ أُمَّهَاتِهَا الحَانِيَاتِ ظُهُورَهُنّ - لَكَأَنَّ البَحْرَ لاَ يَحْكِي بِقُرْبِهِنَّ سِوَى شَجَنِ المَوْجِ.. وَ إِيهٍ لِلْمَوْجِ -، مُحْتَارٌ بَيْنَ مُكُوثِي ضِيقاً أَوْ غَيْرَه.. أَنْفُثُ دُفُعَاتٍ مِنَ الدُخَان، أُرَاقِبُهَا تَتَلَوَّى بَيْنَ عَيْنَيَّ فَأُدْرِكُ غَنَجَ بَعْضِهَا وَ تَنْهِيدَاتِ أُخْرَاهَا! لاَ أَلْبَثُ أَنْ أَشْرُدَ قَلِيلاً حَتىّ تَسْرِقَنِي امْتِعَاضَاتُ آخَرِين، تَطْرِقُنِي هَمْهَمَاتُ عَائِلَةٍ تَقْرِبُنِي بِضْعَةَ أَمْتَار.. تَسْتَقْرِؤُنِي مَلاَمِحُهُمْ اِزْدِرَاءاً، لَعَلَّهُمْ وَجَدُوا فِي مُخْتَلِسٍ لِلْوَحْدَةِ تَائِهٍ بِشَأْنِهِ فَقَطْ.. شَيْئاً مُقَزِّزاً لَهُمْ، تَنْصَرِفُ هِيَ تَارِكَةً إِيَّايَ أَنْفُضُ رُطُوبَةً عَلِقَتْ بِجَبِينِي مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنِّي بِارْتِبَاكِ مَوْقِفٍ لَمْ أَسْتَوْعِبْ مَدَى "حَقِيقَتِه".أَنْظُرُ ذَاتَ سَمَاءٍ وَ سَجْدَةِ شُكْرٍ.. مَرَاسِمَ دَفْنٍ وَ شَمْساً وَ سُحْباً يُهَال، أَبْصُقُ مَا اتَّخَذَتْهُ الذَّاكِرَةُ الأُولَى.. وَ أَنْصَرِفُ كَسَابِقَاتِهَا.
.
.....فِي جِهَةٍ أُخْرَى، ذَاتُ العَائِلَةِ تُدِيرُ كُؤُوساً "قُزَحِيَّةً" وَ سُرَادِقُهَا يُمْطِرُ ظُلْمَة، أَتَجَاهَلُهُمْ.. أَمْضِي حَيْثُ أَنَا وَ نِدَاءُ اللهِ فَلاَ شَيْءَ يَسْتَبِيحُنِي حِينَهَا!!
.
.
بقلم: علي محمد مرخوص.
1.43 صباحاً، الموافق: 10 أغسطس 2009م

الأربعاء، ١٠ يناير ٢٠٠٧

¨°o.O (السمفونية الجنوبية الخامسة) O.o°¨







سميتكَ الجنوب
يا لابساً عباءةَ الحسين
وشمسَ كربلاء
يا شجرَ الوردِ الذي يحترفُ الفداء
يا ثورةَ الأرضِ التقت بثورةِ السماء
يا جسداً يطلعُ من ترابهِ
قمحٌ وأنبياء



سميّتُك الجنوب
يا قمر الحُزن الذي يطلعُ ليلاً من عيونِ فاطمة
يا سفنَ الصيدِ التي تحترفُ المقاومة..
يا كتب الشعر التي تحترف المقاومة..
يا ضفدع النهر الذي
يقرأ طولَ الليلِ سورةَ المقاومة




سميتك الجنوب..
سميتك الشمعَ الذي يضاءُ في الكنائس
سميتك الحناء في أصابع العرائس
سميتك الشعرَ البطوليَ الذي يحفظه الأطفالُ في المدارس
سميتك الأقلامَ والدفاترَ الوردية
سميتك الرصاصَ في أزقةِ "النبطية"
سميتك النشور والقيامة
سميتك الصيفَ الذي تحملهُ في ريشها الحمامة

سميتك الجنوب
سميتك النوارس البيضاء، والزوارق
سميتك الأطفالَ يلعبونَ بالزنابق
سميتك الرجالَ يسهرونَ حولَ النارِ والبنادق
سميتك القصيدةَ الزرقاء
سميتك البرقَ الذي بنارهِ تشتعلُ الأشياء
سميتك المسدسَ المخبوءَ في ضفائرِ النساء
سميتك الموتى الذينَ بعد أن يشيَّعوا..
يأتون للعشاء ويستريحون إلى فراشهم
ويطمئنون على أطفالهم
وحين يأتي الفجرُ، يرجعون للسماء



سيذكرُ التاريخُ يوماً قريةً صغيرةً
بين قرى الجنوب،
تدعى "معركة"
قد دافعت بصدرها عن شرفِ الأرض،
وعن كرامة العروبة
وحولها قبائلٌ جبانةٌ
وأمةٌ مفككه




سميتك الجنوب..
سميتكَ الأجراسَ والأعياد
وضحكةَ الشمس على مرايلِ الأولاد
يا أيها القديسُ، والشاعرُ والشهيد
يا ايها المسكونُ بالجديد
يا طلقةَ الرصاص في جبينِ أهلِ الكهف
ويا نبيَّ العنف
ويا الذي أطلقنا من أسرنا
ويا الذي حررنا من خوف





لم يبقَ إلا أنت
تسيرُ فوق الشوكِ والزجاج
والإخوة الكرام
نائمون فوقَ البيضِ كالدجاج
وفي زمانِ الحربِ، يهربون كالدجاج




يا سيدي الجنوب:
في مدنِ الملحِ التي يسكنها الطاعونُ والغبار
في مدنِ الموتِ التي تخافُ أن تزورها الأمطار
لم يبق إلا أنت..
تزرع في حياتنا النخيلَ، والأعنابَ والأقمار



لم يبقَ إلا أنت.. إلا أنت.. إلا أنت
فافتح لنا بوابةَ النهار


****


للشاعر اللبناني : نزار قباني.

زمن الذبـــول

زمن الذبـــول